أُمُّ حَمَلْ تسترق السمع

 

أُمُّ حَمَلْ تسترق السمع

 

موسى ولد أبنو

 

 

لم يكن زُهَيْر بن الهبولة مطمئنا بعد الذي سمعه من قُريش عند مشادَّته خارجة بن ندبة. لقد انتظر بفارغ الصبر انصراف أهل الموسم إلى مَجَنَّة التي تعوَّد فيها لقاء أُمِّ حَمَلْ، تابِعَتَه من الجن، التي تسترق له السمع وتنبئه عن خبايا المستقبل. لن يعرف الحقيقة إلا منها. حين وصوله إلى مَجَنَّة أخذ عجلا سمينا وساقه إلى المعبد.. دخل في الْعُبَّادِ يسوقون هديهم، تظللهم سحب الغبار، يُهِلُّون بالتلبيات. جاء إلى السادن الذي رحب به وبارك هديه، واكترى له ملابس وأشرف على ذبح العجل.

 

لما مالت الشمس راخية قبضتها، خرج متوجها نحو الشمال الغربي. حث خطاه مبتعدا عن المضارب التي مازالت في غفوة الأصيل. تَخيَّر في طريقه عِظاما ورَوْثا مما تشتهي الجن، طعاما يقدمه بين يدي أُمِّ حَمَلْ. وصل إلى السَّمُرَة التي ألف أن يتواعد وتابِعَته عندها. كان ظل السَّمُرَة الخفيف يتطاول شرقا، يطلب الليل حثيثا. وما لبثت أُمُّ حَمَلْ أن هبطت عند جذع السَّمُرَة في زوبعة من الغبار والأوراق اليابسة والأشواك، وقد بدا عليها الفزع. كان خلقها كخلق الإنسان، لكن رجليها رجلا عنز، عليها قطع الشنان المحرَّقة، وأثر الحروق على جلدها.. وهي صغيرة الرأس، مَهروتة الشدقين، حولاء النظر، عُرْفُها كقرن الحية.

- ويحكِ أُمَّ حَمَلْ! ما ذا دهاك؟ ما كل هذه الحروق؟ من فعل بك هذا؟!

أخرجت لسانا مشقوقا كلسان السعلاة وضربت به أرنبة أنفها:

- ويلك يا زُهَير! ألم تر إلى الجن وإبْلاسِها، ويأسها من بعد إنكاسها؟! كنت أصعد إلى السماء وأقعد منها مقاعد للسمع.. والآن حِيل بيني وبين خبر السماء، وأرْسِلتْ علي الشهب، ووجدت السماء قد مُلِئت حرسا شديدا، فمن يستمع الآن يجد له شهابا رَصَدا!...

- ويحك أُمَّ حَمَلْ أنصتي إلي! لقد تراددت في عُكاظ شيئا من الكلام مع خارجة بن ندبة العامري فحقرتُه وسببته. ولما قال ”اللهم أمكن يدي هذه الشقراء القصيرة من عنق زهير بن الهبولة ثم أعنِّي عليه“ قلت: ”اللهم أمكن يدي هذه البيضاء الطويلة من عنق خالد، ثم خل بيننا.“ فقالت قريش، وكان الكلام أمامها: ”هلكت والله يا زهير!“ فقلت لهم: ”إنكم والله الذين لا علم لكم!“ لكني لم أعد مطمئن البال. فلتصعدي إلى السماء ولتأتني بالخبر اليقين! استرقي السمع لي ولو رموك بكل الشُّهُب، واشفني مما قالته قريش!

- سأحاول استراق السمع وأعود إليك بالخبر، قالتها وتلاشت في ظلال المغيب.

 

بات زهير بليل الآرق المتململ.. تطاول عليه الليل ونيط طرفه بالكوكب.. لم يهْجَعْ إلا قليلا حتى هب مرعوبا من نومه، وهو ما زال يتذكر الرؤيا التي هالته وفُظِع بها: رأى نفسه وقد حُلِق رأسه وخرج من فمه طائر، ثم جاءته عجوز عُكاظ فأدخلته في فرجها، ورأى ابنه يطلبه حثيثا، ورآه حُبس عنه! فلم يغمض له جفن حتى أصبح. ولما أصبح خرج إلى سوق الكهنة، يطلب سليح بن أبي حية، أشهر مُعبري الرؤى وأعرف الكهنة بتفسير الأحلام. لما اقترب من قبته رأى العُبَّاد يزدحمون، انتظر حتى أذن له.. رفعوا الستارة وأدخلوه بين يدي الكاهن. كانت المرة الأولى التي يرى فيها سليحا: رأى شخصا مشوها لم يكن فيه عظم سوى جمجمته، وجهه في صدره، وله عين واحدة تشع ببريق ينبئ عن طباع حادة وعن ذكاء خارق.

- اجلس يا عابِد! ما اسمك؟ قالها من فتحة في خده وبنبرة مُطَمئنة.

- أنا زُهير بن الهبولة العبْسِي.

- مرحبا بسيد قَيْس عيلان! ما وردتَ إلا لأمر!

- لقد رأيت البارحة في منامي رؤيا...

- بأبي أنت! احْكِ لي ما وقع عليك، ولا تنس منه شيئا!

- لن أنسى شيئا! أتذكر الحلم كله بتفاصيله، رأيتني حليق الرأس، يخرج من فمي طائر ورأيت عجوزا من هوازن قد جاءتني في عُكاظ بعسل في نحي، فتذوقته فلم يرضني طعمه، فدفعتها بقوس في صدرها فاستلقت لحلاوة القفا، رأيتها تدخلني في فرجها، ورأيت ابني يطلبني حثيثا فيحبس عني. فوالله إن وراء هذه الرؤيا ما وراءها!

شَخَصَ سليح ببصره إلى السماء، وقال بصوت دوَّى في القبة:

- واللوح الخَافِقْ! والليْل الغَاسِقْ! والصبح الشَّارِقْ! والنجم الطَّارِقْ! والمزن الوادِقْ! إن شجر الوادي ليَأْدُوا خَتْلا ويُحْرِق أنيابا عُصْلاً! وإن صخر الطَّوْد لينذر ثُكلا لا تُجدي عنه مَعْلاً!

- ويحك وما ذاك؟!

- أمَّا حلق رأسك فَوَضْعُه. وأما الطائر الذي خرج من فمك فروحك. أما العجوز التي أدخلتك فرجها فالأرض تُحفر لك وتُغيَّب فيها. وأما طلب ابنك إياك ثم حبسه عنك فإني أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابك ولن يصيبه!

لما هم زُهَيْر بالخروج، قال له الكاهن:

- هو والله قدرك المحتوم! لكن حاول أن تسترضي الآلهة، اهد إليها فقد ترد عنك ما حاق بك. ثم مر بِشِسَّارٍ، في الجانب الآخر من السوق، وقل له إنك آت من عندي واطلبه تمائم الوقاية من الموت.

 

خرج زُهَير وقت الأصيل يطلب تابعته وقد شُدَّت عليه التمائم. وصل السَّمُرَة قبل طُفُولِ الشمس. هبطت أُمُّ حَمَلْ عند جذع السَّمُرَة قبيل المغيب، مُحرَّقة متفحِّمة الوجه، قِطع الشنان عليها ما زالت تدخن، وهي مذعورة، شاردة النظر.

- ويلك يا زهير! لم تخطئني الشهب هذه المرة!... والشِّهاب الثَّاقب! ما كل هذه التمائم المضحكات يا زهير؟!

سألته أم حمل وهي تسخر منه فيما بدا وكأنه بداية استعادة لمرَحِها الشيطاني.

- هذه تمائم للوقاية من الموت....

- ثكلتك الثواكل يا زهير! ما أحوجك إليها الآن!

- ويلكِ ما ذا رأيت؟ قصي علي الخبر!

- لا مكذوبة! لقد استرقت من السمع ما كفاني ووجدت ما شفى غليلي! رأيتك وقد انتقلتَ من قومك ببيتك وابني أخويك زرعة وأوس، تريغ الغيث في عشراوات لك.. وبنو عامر قريب منكم ولا تشعرون بهم.. ومعك امرأتك تُماضر بنت الشتير.. فمر بها أخوها حذيفة ولم يعد معكم.. وكان قد أصاب دما ثم احتمى ببني عامر، قوم خارجة بن ندبة، وكان فيهم. ثم إن خارجة أرسله عينا ليأتيه بخبرك.. فقلتَ لابنيك: ”إن هذا الحمار لطلعة عليكم فأوثقوه!“ فقالت أخته لبنيها: ”أيزوركم خالكم فتوثقوه وتحرموه؟!“ فحلبوا له وطْبا وأخذوا منه يمينا أن لا يخبر عنهم ولا ينذر بهم أحدا. فخرج يطير حتى أتى بني عامر عند ناديهم.. وأتى شجرة فألقى الوطب تحتها والقوم ينظرون. ثم قال: ”أيتها الشجرة الذليلة اشربي من هذا اللبن، وانظري ما طعمه!“ فقال أهل المجلس: ”هذا رجل مأخوذ عليه، وهو يخبركم خبرا!“ فأتوه وذاقوا اللبن فإذا هو حلو، لم يقرص بعد. فقالوا: ”إنه ليخبرنا أن طلبنا قريب!“ فركب خارجة وركب معه ستة فوارس من بني عامر لينظروا ما الخبر.. واقتصوا أثر السير حتى إذا رأوا إبلكم نزلوا عن الخيل، فقالت نساؤكم: ”إنا لنرى حَرَجَةً من عِضاه أو غابة من رماح بمكان لم نكن نرى به شيئا!“ ثم راحت الرعاء فأخبروكم بمثل هذا الخبر.. وأخبرت راعية أوس بن الهبولة أوسا بمثل ذلك.. فأتاك بما أخبرته به الراعية وقال: ”إنما رأت خيل بني عامر ورماحهم.“ فقلت: ”كل أَزَبٍّ نفور! وأين بنو عامر؟ أما كلاب فكالحية إن تركتها تركتك وإن وطئتها عضتك.. وأما بنو كعب فإنهم يصيدون الَّلأْيَ.. وأما بنو نمير فإنهم يرعون إبلهم في رؤوس الجبال.. وأما بنو هلال فيبيعون العطر!“ ثم آليَت أن لا تبرح مكانك حتى تصبح. وتحمَّل من معك غير ابنيك وكيع وحذيفة وأخيك أوس. وكانت لك مظلة دَوْحٍ تربط فيها أفراسك، لا تريمك، حذرا من الحوادث. فلما أصبحتَ صهلت فرس منها حين أحست بالخيل، وهي القعساء، فقلت: ”ما لها؟“ فقال ربيئتك: ”أحست بالخيل فصهلت إليهن!“ فلم تؤْذنك بهم إلا والخيل دَوَائِسُ محاضر بكم غُدية. فقلت لأخيك أوس-وقد ظننت أنهم أهل اليمن-: ”يا أوس ما هؤلاء؟“ فقال: ”هؤلاء الذين تُعَمِّي حديثهم منذ الليلة!“ وركب ومضى ناجيا. ثم إنك وثبت وتدثرت القعساء فرسك وأنت يومئذ شيخ قد بدَّنت...

تنفس زهير الصعداء وهو يتحسس بطنه: كان ما يزال أهيف.

-... وقلت لابنك وكيع: ”انظر يا وكيع ما ترى!“ فقال لك: ”أرى فارسا على شقراء يجهدها ويكدها بالسوط، قد ألح عليها!“ فقلتَ: ”شيئا ما يريد بالسوط إلى الشقراء!“ وتمرَّدت القعساء بك وجعل خارجة يقول: ”لا نجوتُ إن نجا مُجَدِّع!“ ولما تمغطت القعساء بك ولم تتعلق بها الشقراء، قال خارجة لمعبد بن عصمة، وهو ممن كانوا معه: ”أدرك معبد!“ فأدرك معبد: فجعل ابناك وكيع وحذيفة يُوطِشان عنك. فصاح خارجة: ”اطعن يا معبد في نساها!“ فطعن في أحد رجليها فانخذلت القعساء بعض الانخذال، وهي في ذلك تتمغط. فقلتَ: ”اطعن الأخرى!“ تكيده بذلك لكي تستوي رجلاها، فتتحامل. فناداه خارجة: ”يا معبد أفذَّ طعنتك!“ فشَغْشَغ الرمح في رجلها فانخذلت. ولحقك خارجة على فرسه فجعل يده وراء عنقك وقلبك وخر فوقك، ولحق حماد بن البكَّاء، وكان ممن جاء مع خارجة، فوجده قد حسر المِغْفر عن رأسك، فقال: ”نَحِّ رأسك يا أبا جزء لم يجز يومك!“ فنحى خارجة رأسه وضرب حماد رأسكَ، وضرب وكيع رأس خارجة بالسيف وعليه درعان فلم يغن شيئا.. وأجهض ابناك القوم عنك فانتزعاك مُرْتَثًّا. فقال خارجة حين استنقذك أبناؤك: ”والهفتاه! قد كنت أظن أن هذا المخرج سينفعكم!“ ولام حمادا فرد عليه: ”السيف حديد، والساعد شديد، وقد ضربته ورجلاي متمكنتان في الركائب، وسمعت السيف قال: "قَبْ قَبْ" حين وقع برأسه ورأيت على ظُبَتِهِ مثل ثمر المُرار.“ فقال خارجة: ”قتلته بأبي أنت!“...

- صدق والله! قالها زهير مقاطعا أُمَّ حَمَلْ، وقد غمره الرعب.

- سوف توقن ذلك لو استمعت إلي حتى النهاية! نظر بنوك فإذا بالضربة قد بلغت الدماغ. ثم استسقيتهم فمنعوك الماء حتى نُهِكت عطشا، وصرت تقول: ”أَمَيِّتٌ أنا عطشا؟! أسقوني الماء وإن كان فيه نفسي!“ ثم أخذت تنادي: ”يا وكيع!“ ولما لم يجبك جعلت تنادي ”يا شاس!“ فلما رأوا ذلك سقوك.. فمت بعد ثلاثة أيام.

- ما قلتِ يؤكد حلمي!... لكن، أم حمل، هل أنت متيقنة أنك رأيتني وقد بَدَّنْتُ؟ بكمْ تقدرين عمري عندما رأيتني؟

- من الصعب التيقن يا زهير! عندما رأيتك لم أكن مطمئنة، كانت الشهب ترجمني من كل جانب!

 

لما رجع زهير قاصدا المضارب، كان الليل قد عم الدنيا.. السماء تلمع بالنجوم دون أن تنقص من ظلمة الأرض. كان يسير مطأطئا رأسه، مشغول البال بمصيره الذي اطلعت عليه ربيئته الجنية. كان يتعثر بعقبات لا يراها، يتمثلها بعد اجتيازها: حجارة، أغصان يابسة، ربوات، أشجار شائكة... يزيد من تعثره انشغاله بمشهد نهاية حياته الذي يتردد في ذهنه. لم يكن راضيا عن هذه النهاية.. كان يريد لحياته نهاية أخرى، يبحث عن مخرج، عن طريقة تمكنه من إعادة تشكيل مشهد النهاية. تريث قليلا يتثبت طريقه.. تلفت من حوله.. لم ير إلا ظلمات على ظلمات.. كان الليل مطبقا بصمته الرهيب. استمع طويلا فلم يأته أي صوت. كان متأكدا من أنه سار طويلا، وأنه مضى من الوقت ما يكفي للرجوع إلى الحي. تساءل في نفسه: «هل ضللت الطريق؟» رفع نظره إلى النجوم فتأكد ظنه.. غيَّر اتجاه سيره نحو الشرق. غياب النَّبُوحِ يؤكد أنه ابتعد عن المضارب. رفع عقيرته بالنباح لعل كلبا يسمعه فينبحه، فيستدل به. استنبح طويلا دون أن يسمع ردا. ثم خيِّل إليه أنه رأى نارا إلى يساره، فتثبتها واتجه صوبها. اقترب منها دون أن يسمع نَبُوحاً. لكنه، مع اقترابه، ظن أنه سمع ضحكات مكتومة. وصل إلى نار أوقدت أمام خباء.. أقبل رجل يحييه. تراءى له على ضوء النار وكان أبرش، سُناطا، وقد تخشَّف جلده تخشُّف الحية. وأقبلت امرأة حسناء، جعلت تنفث بفيها النار وقد غبَّر الدخان في وجهها الجميل. جعل الأبرش يثني على المرأة ويقول:

- يا ضيف! انظر إلى زوجتي وإلى الخرقة في وسطها، وهي تدور بين القدور، انظر كيف تدق بيديها الأبزار.. وانظر أثر الدخان في ذلك الخد الصقيل.. أليس منظرا تحار فيه العيون؟ وأنا أحبها وهي تحبني، ويحب ناقتها بعيري.. ومن سعادة المرء أن يرزق المساعدة من حليلته، ولا سيما إذا كانت من طينته، وهي ابنة عمي لَحًا.. لكنها أوسع مني خُلْقًا، وأحسن خَلْقًا...

دعاه الأبرش أخيرا للدخول، تهالك على الحصير وقد نُهك من طول السير. فقرَّب الأبرش منه وسادة ونادى:

- يا غلام! الطَّستَ والماءَ!

النار التي اشتد اشتعالها أضاءت وسط الخباء.. جاء غلام أسود كالليل البهيم، يلمع في وجهه بياض عينيه وأسنانه.. قدم الطست والإبريق، فغسل زهير يديه، وبدأ الأبرش يغسل يديه.. فرأى له ستة أصابع في كل يد: «الجن لها ستة أصابع في كل يد وقدم.. إنها خيمة من الجان! لكني لا أخشاهم ما دامت عندي تميمة شِسَّار!» تحسس التميمة المنوطة بعنقه، فلامس سن الثعلب. وكان شِسَّار قد جزم له أن الجان لا يطيقون رؤيتها. فأخرجها من فوق صدره ليجعلها فوق ردائه. وكان الأبرش قد لحق بزوجه عند النار.. وما لبثا أن عادا إلى الخباء وهي تحمل قدرا يصَّاعد منه البخار، فوضعته بين يدي زهير، لكنها لحظت سن الثعلب، فأطلقت صرخة مرعبة، فاغرة فاها، فكان فكها التحتاني على الحصير والفوقاني في سماء الخباء. فظن زهير أن الجنية ستلتقمه.. لكنها ما لبثت أن تلاشت بِقِدْرِها مع الخباء والنار وزوجها الأبرش. لم يبق لكل ذلك أثر.. وعاد الصمت المطبق في الليل البهيم، والسماء الملتمعة بالنجوم... مكث زُهَيْر قليلا دون أن يبرح المكان. ثم تردد في استئناف السير، لكنه كان مرهقا، فقرر أن ينتظر طلوع القمر. مكث حذرا، يقظا، يشهر تميمته، يرتقب القمر. تباطأت النجوم ونِيطَ بها طرفُه. ثم لاح في الأفق قُمَيْرٌ أصهب، طربت له الأرض، فشقَّت بُرْقُعَها الأسود. تطلَّع من حوله، فوجد نفسه جالسا وسط موقد قديم، يفترش الفحم والرماد. انتفض من مكانه، نظر إلى الغرب فإذا بجبل طَفِيل المشرف على المضارب.

 

النهاية